ابى انى اكرهك
كان هذا عنوانا لرسالة قراتها منذ سنوات كما قراها الملاين لكنها لم تصل يوما لمن كُتبت له
كتبها الأديب الروسى الحزين كافكا وضعها فى غرفة ابيه وغادرالمنزل و لم يعد اليه ثانية ..........وجدتها امه ففتحتها وقراتها و انهمرت دموعها انهارا ........فكرت كثيرا ان تعطى الرسالة لزوجها لكنها لم تقدر كانت تخاف منه ، من رد فعله ، كلما اشتاقت لابنها نازعتها امومتها لأن تترجاه ليبحث عن ابنها صاحب الاحساس المرهف والقلب البرئ لكن كلماتها كانت تذوب امام قسوة نظراته و برودة احساسه و مرت سنوات قليلة و جاء شخص يحمل خبر وفاة ذلك الفتى الرقيق مات وحيدا مريضا وثارت ثائرة الأم و اجتاحتها احاسيس لم تخالجها من قبل .........غضب و جنون .و.اشتياق لابنها الذى مات منذ ان دخل الدنيا و اندفعت بالرسالة نحو الأب ،و لكن غضبها وجنونها تلاشيا تماما امام الأب و لم تقدر على النطق ايضا ..........ليس خوفا منه ككل مرة بل دهشة وشفقة على زوجها الذى وجدته مكوما فى احد جوانب الغرفة..... لأول مرة فى حياتها تراه يبكي !!!!!!!! !!يبكى بحرقة كطفل فقد امه..... بحرقة و نشيج رهيب ينافس اكثر نساء الارض حزنا وكمدا ...لم تعطه الرسالة اخفتها في جيبها و احتضنته فبكى فى حضنها و تشابكت دموعهما على فراق ابنهما وتاكدت هذه المرة ولأول مرة انه يحب ابنه كثيرا!!!!!!!!
و لم تمضى سوى ايم قليلة الا وقد فارق الأب الحياة و بعد انصراف الناس و انتهاء مراسم العزاء جاء الشخص الذى ابلغ الأسرة بوفاة الابن و قدم نفسه على انه صديق كافكا و قد شهد معه لحظاته الأخيرة اخبرهم انه اوصاه ان يجمع كل ما كتب و ان يحرقه فكل ما كتب تعبير عن الاحزان و المآسى التى واجهها و لن تفيد احدا و لكن هذا الصديق لم يقدر على حرقها فهو انتاج ضخم و رائع لم تشهد روسيا مثله يوما و هو لا يعرف لماذا اراد حرقها؟؟؟!!
لم ترد عليه الأم بل بل اخرجت الرسالة من جيبها و حثته على قرائتها فقراها و بعدها طلب من الأم السماح له بنشرها فوافقت دون تردد
و نال كافكا شهرة عالمية بعد وفاته و اصبحت كتاباته نافذة لروسيا على العالم وترجمت كتاباته لعدد كبير من لغات العالم و استوحى كتاب السينما قصصهم من كتاباته و مسرحياته...
مقتطفات من الرسالة
"هل تذكر يا ابى الطفل الصغير الذى لم يتجاوز عامه الثالث الذى استيقظ من نومه يوما يشعر بالعطش كان يريد ان يشرب فبكى ليوقظ امه لكن الأب قام اليه و سقاه وذهب ليكمل نومه فشعر الطفل برغبة في رؤية امه فبكى من جديد فعاد الأب يساله عن رغبته لكنه لم يرد بل زاد فى البكاء فاخذه ابوه بكل قسوة امام امه التى لم تحرك ساكنا خوفا من بطشه ووضع ابنه الصغير" الذى لا يرتدى سوى رداء النوم الرقيق" فى الشرفة و اغلق الباب و سكت الصغير توقف عن الصراخ وظل ينظر للفراغ طوال الليل يصارع الخوف و الوحدة و البرودة.... هل تعرف من هذا الشخص القاسى يا ابى ....... ............."
وفي موضع اخر
"كانت قسوتك معى فى كل شئ.... لم يعجبك شيئا افعله طول حياتى لم اسمع منك كلمة اعجاب او تشجيع........."
"كنت دوما تفخر بانك ذلك الرجل العصامى الذى واجه الصعاب و كون ثروة عظيمة بعد ان كان حمالا فقيرا اما انا فلم اكن استحق ان اكون ابنك لانى لن اتمكن يوما من مجارتك في تجارتك ولن اتمكن من استيعاب اسلوب السوق و قسوته وكيف و انا كما تتهمنى اتصرف كالمجاذيب و لا اهتم الا بالاشعار و الخواطر و عالم الخيال........."
"كنت تامرنا ان لا نلعق العظام وكنت ان تلعقها ،تامرنا ان نهتم بنظافة المكان وكنت انت من يملأ المكان بمخلفاته، وان نسينا يوما او وقع منا شيئا فالويل كل الويل لنا............"
"حتى الفتاة التى احببتها رفضت تزويجي بها و زوجتها من اخى لانه عملى اكثر منى و سيستفيد من صلات ابيها...."
"ابى انى اكرهك..........................لأنى كنت اتمنى ان تحبنى..........كما احبك........"
هكذا ختم الفتى رسالته الموجهه لابيه
ماساة حقيقية
لقد مــــــــــــــــــــــــــاتا و كلاهما يتصور ان الآخر يكرهه
وهذه دعوة ليسطر الجميع ما اوجعهم من آبائهم هنا
وبم تمنوا ان يخبروهم به و لم تعطهم الظروف
فرصة لذلك حتى وان كانوا قد فارقوا عالمنا