تشارلي ديفيس من مغمور إلى نجم

وصل المهاجم الأمريكي الشاب تشارلي ديفيس إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في كأس القارات 2009 FIFA على أمل اكتساب الخبرة ليس إلا، وربما الحصول على فرصة لخوض بعض الدقائق ليرفع رصيده من المباريات الدولية التي لعبها. إلا أن ما حصل عليه هو المشاركة في المباريات الدولية على أعلى مستوى حيث نجح ديفيس في معمودية النار ليكون أحد أفضل اللاعبين في المنتخب الأمريكي والذي حقق المفاجأة ببلوغ المباراة النهائية لأول مرة في بطولة كبرى.


واضطر مدرب الولايات المتحدة الأمريكية بوب برادلي إلى إجراء تغييرات جذرية على تشكيلة منتخب بلاده بعد الخسارتين الثقيلتين لفريقه في أول مباراتين في بطولة القارات أمام إيطاليا والبرازيل. وكان المنتخب الأمريكي لحاجة إلى الفوز بفارق كبير على نظيره المصري في المباراة الأخيرة له في الدور الأول في روستنبرج، فلجأ المدرب إلى ديفيس لتظهر موهبة اللاعب الذي يدافع عن ألوان أحد الأندية السويدية جلية للجميع بفضل سرعته وشجاعته وقتاليته وتعطشه لتسجيل الأهداف. وقال برادلي لموقع FIFA.com "إنه لاعب مليء بالحيوية ولا يستسلم على الإطلاق."
لقد برهنا إلى العالم إمكانياتنا وإلى أنصارنا قدرتنا على تحقيق نتائج إيجابية.
بدت موهبة ديفيس الطبيعية واضحة للجميع منذ أن شجعه والده الجامبي على ممارسة كرة القدم. ولكن الفترة التي أمضاها كناشئ في كرة القدم الأمريكية كانت مخيبة للآمال وبعد ثلاث سنوات في جامعة بوسطن لكرة القدم، قرر الإنتقال إلى أحد الأندية السويدية حيث وقع عقداً للدفاع عن ألوان هاماربي بعدما فشل في تجربة في صفوف آياكس أمستردام. وبعد أن تخطى البداية السيئة، تأقلم المهاجم الشاب في صفوف فريقه الجديد وسجل 21 هدفاً في موسمين.


وبقصر قامته وسرعته وقوته، شكّل ديفيس الكثير من المتاعب للدفاع المصري في أول مباراة له كأساسي ونجح في تسجيل هدف بعد دربكة أمام المرمى تعرض على إثرها الحارس المصري عصام الحضري إلى إصابة استوجبت إجراء خمس غرز في رأسه. وساهم الفوز الكبير للولايات المتحدة الأمريكية على مصر 3-0 وخسارة إيطاليا بنفس النتيجة أمام البرازيل في المباراة الأخرى في تأهل المنتخب الأمريكي إلى نصف النهائي لمواجهة منتخب أسبانيا الذي لم يخسر منذ 2006 والمنتخب المصنف أول عالمياً.


وكافأ المدرب بوب برادلي المهاجم الصاعد بإشراكه أساسياً ضد أسبانيا، فلعب بشغف كبير وبقوة هائلة. وأكد نيته في تقديم عرض جيد من خلال ركلة مقصية انبرى لها بعد مرور خمس دقائق على انطلاق المباراة وسيطر عليها حارس ريال مدريد إيكر كاسياس بصعوبة. وعلى الرغم من أنه لم يسجل إلا أنه اقلق الدفاع الأسباني بشكل مستمر وساهم في فوز تاريخي لفريقه هو الأشهر له منذ أن تغلب على انجلترا في بيلو هوريزونتي في كأس العالم 1950 FIFA.


وشارك ديفيس، الذي خاض 13 دقيقة فقط في دورة الألعاب الأولمبية الصيف الماضي، أساسياً أيضاً في المباراة النهائية لفريقه ضد البرازيل في جوهانسبرج وساهم في تسجيل الهدف الثاني للمنتخب الأمريكي في المباراة بعدما قاد هجمة مرتدة سريعة قبل أن يمرر الكرة باتجاه لاندون دونوفان الذي سجل الهدف الثاني ليتقدم المنتخب الأمريكي على نظيره البرازيلي بهدفين نظيفين مع نهاية الشوط الاول.


ولكن في النهاية، لم يتمكن المنتخب الأمريكي من المحافظة على تقدمه لأن الحلم الأمريكي تلاشى أمام القوة البرازيلية التي لا تقهر في الشوط الثاني. ولكن ديفيس اعتبر أن التجربة كانت إيجابية برغم خسارة المباراة النهائية وقال لموقع FIFA.com: "نستطيع أن نشعر بالفخر للحلول في المركز الثاني في جنوب أفريقيا. تابع العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تتمتع فيها كرة القدم بشعبية عالية هذا الإنجاز. لقد برهنا إلى العالم إمكانياتنا وإلى أنصارنا قدرتنا على تحقيق نتائج إيجابية."


ويشارك أربعة لاعبين من المنتخب الذي خاض كأس القارات حالياً في الكأس الذهبية CONCACAF والمقامة حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية ومن بينهم ديفيس نفسه الذي نال قسطاً من الراحة ليومين فقط قبل أن يستقل الطائرة من جنوب أفريقيا ليشارك في هذه البطولة التي تقام كل سنتين. ولم يتأثر ديفيس بمشقة السفر الطويل لأنه سجل الهدف الرابع في مرمى جرينادا في المباراة التي انتهت بفوز فريقه 4-0 في سياتل.


أما الآن وبعد أن خاض 11 مباراة دولية سجل خلالها ثلاثة أهداف، أصبح هدف ديفيس الذي كان مغموراً قبل شهر واحد أن يكون ضمن التشكيلة الرسمية التي ستخوض نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا العام المقبل. وهي فرصة يريد أن يقبض عليها المهاجم الصاعد بكلتا يديه وقال عشية المباراة ضد هندوراس في الكأس الذهبية "التجربة التي خضتها في بطولة كأس القارات جعلتني أنضج بسرعة كلاعب وأنا الآن أتطلع إلى كأس العالم 2010 وإذا نجحنا في إبراز إمكانياتنا مرة جديدة فإننا سنكون منتخباً خطيراً!"